هل الزيتون المر من الشجرة صحي وكيف يمكن التخلص من المذاق المر

 يرجع المذاق المر والقوي لثمار الزيتون فور قطفها من الشجرة إلى وجود مركب طبيعي يُدعى الأوليوروبين (Oleuropein)، وهو مادة فينولية جلوكوزيدية تتركز بشكل كبير في الزيتون غير الناضج، حيث تعمل هذه المادة كخط دفاع طبيعي للشجرة والثمرة ضد الآفات والحشرات، مما يضمن بقاءها حتى النضج. الأوليوروبين هو المسؤول بشكل حصري عن المذاق غير المستساغ للزيتون الطازج، وهو مركب شديد المرارة لدرجة تجعل الزيتون غير صالح للأكل  . هذا المكون، رغم أنه يمثل تحديًا من الناحية الغذائية، هو في حقيقة الأمر كنز صحي، إذ ينتمي إلى عائلة البوليفينولات، وهي مركبات قوية معروفة بخصائصها المضادة للأكسدة والمضادة


للالتهابات.


الأوليوروبين والفوائد الصحية للزيتون المر


على الرغم من المرارة الشديدة التي يسببها الأوليوروبين، إلا أن هذه المادة هي السر وراء العديد من الفوائد الصحية لزيت الزيتون والزيتون المعالج بشكل صحيح. الزيتون المر غير المعالج لا يمكن تناوله، لكن وجود الأوليوروبين فيه يشير إلى أن الثمرة غنية بمضادات الأكسدة التي تلعب دورًا حيويًا في حماية خلايا الجسم من التلف الناتج عن الجذور الحرة. بعد المعالجة، تنخفض نسبة الأوليوروبين، لكن مشتقاته ومواد فينولية أخرى تبقى حاضرة بقوة، مما يجعل الزيتون ومنتجاته، خاصة زيت الزيتون البكر الممتاز ذي المذاق المر قليلاً، مفيداً لتعزيز صحة القلب والأوعية الدموية. لذا، فإن الثمرة بحد ذاتها صحية ومغذية لاحتوائها على دهون أحادية غير مشبعة صحية وفيتامين هـ والحديد، لكن يجب معالجتها لإزالة مرارتها قبل استهلاكها.


ضرورة التخلص من المرارة ليصبح صالحًا للأكل


الهدف من معالجة الزيتون بعد قطفه ليس فقط تحسين المذاق، بل جعله صالحًا للاستهلاك الآمن والممتع. يستحيل تناول الزيتون وهو يحمل تركيزه الأصلي من الأوليوروبين، لذلك تُعد عملية "تحلية" أو "معالجة" الزيتون خطوة ضرورية. تتمحور هذه العملية حول تقليل مستوى الأوليوروبين إلى درجة يصبح معها الزيتون مقبولاً. تاريخياً، اعتمدت الحضارات على طرق طبيعية لنزع المرارة، وقد تطورت هذه الطرق لتشمل تقنيات منزلية وصناعية متعددة، جميعها تهدف إلى تكسير جزيئات الأوليوروبين أو إذابتها في الماء، مما يفتح الباب أمام الاستفادة من المكونات الغذائية القيمة الأخرى في الثمرة.


الطرق التقليدية لإزالة مرارة الزيتون


توجد عدة أساليب تقليدية وفعالة للتخلص من مرارة الزيتون، وأكثرها شيوعاً هي عملية النقع بالماء وتغييره باستمرار. تتطلب هذه الطريقة سحق حبات الزيتون أو شقها لتسريع خروج الأوليوروبين، ثم نقعها في ماء عادي يتم تغييره مرتين إلى ثلاث مرات يومياً لمدة تتراوح بين أسبوع إلى عدة أسابيع، حسب نوع الزيتون ودرجة المرارة المطلوبة. هذا النقع المتكرر يذيب الأوليوروبين ويطرحه خارج الثمرة. طريقة أخرى تستخدم محلول الماء والملح (التخليل)، حيث يتم نقع الزيتون في محلول ملحي لعدة أشهر، فتعمل البكتيريا النافعة في المحلول على تحليل الأوليوروبين تدريجياً، وهي العملية التي تمنح الزيتون نكهته المميزة والمخللة. هذه الأساليب الطبيعية والبطيئة تحافظ على معظم الفوائد الصحية للزيتون.


طرق المعالجة الحديثة وتأثيرها على النكهة


على الجانب الآخر، تتبع الصناعات الحديثة طرقاً سريعة لمعالجة الزيتون، أبرزها استخدام المحاليل القلوية مثل هيدروكسيد الصوديوم (الصودا الكاوية)، خاصة في معالجة الزيتون الأخضر. هذه الطريقة سريعة جداً وتكسر الأوليوروبين في غضون ساعات قليلة، مما يزيل المرارة بكفاءة عالية. وعلى الرغم من سرعة هذه العملية، إلا أن بعض خبراء التغذيةلا ينصحون بذالك و يفضلون الطرق التقليدية لأن المعالجة القلوية قد تؤدي إلى فقدان جزء من البوليفينولات المفيدة الأخرى الموجودة في الزيتون، مما يقلل قليلاً من قيمته الغذائية الشاملة مقارنة بالزيتون المعالج ببطء بالماء أو الملح. لذلك، للحصول على أفضل مذاق وفوائد، ينصح بالبحث عن الزيتون المخلل طبيعياً بالماء والملح بعد شقه أو سحقه، والابتعاد عن الإفراط في المعالجة الكيميائية.

إرسال تعليق

Please Select Embedded Mode To Show The Comment System.*

أحدث أقدم