لحم الغنم ليس ضارًا بالصحة ، بل هو مصدر غذائي غني بالبروتين عالي الجودة والفيتامينات والمعادن الأساسية كالحديد والزنك وفيتامين ب12. ومع ذلك، يمكن أن يصبح ضارًا بالصحة عندما يتم الإفراط في تناوله، أو عند استهلاك القطع الغنية بالدهون المشبعة والكوليسترول، أو عند طهيه بطرق غير صحية كالقلي أو الشواء المفرط. الضرر يكمن في الكمية ونوعية القطع وطريقة التحضير، مما قد يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب وارتفاع الكوليسترول وبعض أنواع السرطان على المدى الطويل.
التركيب الغذائي ومخاطر الدهون والكوليسترول
القيمة الغذائية للحم الغنم تجعله طعاماً مفيداً بفضل محتواه العالي من البروتينات التي تدعم بناء العضلات ووظائف الجسم الحيوية، والحديد الهيمي الذي يسهل امتصاصه ويقي من فقر الدم، إضافة إلى الزنك والسيلينيوم وفيتامين ب12 الضروريين لصحة الأعصاب والجهاز المناعي. إلا أن المشكلة الصحية الرئيسية تكمن في محتواه المرتفع من الدهون، خاصة الدهون المشبعة والكوليسترول. الإفراط في تناول هذه الدهون يؤدي إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول الضار (LDL) في الدم، وهو عامل خطر رئيسي للإصابة بتصلب الشرايين وأمراض القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم والنوبات القلبية والسكتات الدماغية. تحتوي قطعة من لحم الغنم بوزن 100 جرام على كمية كبيرة من الدهون والسعرات الحرارية، مما يجعل استهلاكها المفرط سبباً مباشراً في زيادة الوزن والبدانة إذا لم تتوازن مع النشاط البدني.
تأثير الإفراط على الجهاز الهضمي والتمثيل الغذائي
الاستهلاك المفرط للحم الغنم، كونه غنياً بالدهون والبروتينات وقليل الألياف الغذائية، قد يؤدي إلى اضطرابات في الجهاز الهضمي. صعوبة هضم الكميات الكبيرة من الدهون والبروتينات في وقت قصير تسبب الشعور بالثقل وعسر الهضم والانتفاخ. في بعض الحالات، قد يؤدي الإفراط في البروتينات الحيوانية إلى زيادة عبء العمل على الكلى للتخلص من النيتروجين الزائد، مما قد يشكل خطراً على الأشخاص الذين يعانون من مشاكل كلوية سابقة. كما أن لحم الغنم، شأنه شأن اللحوم الحمراء الأخرى، يحتوي على مركبات تُعرف باسم البيورينات، والتي تتحول في الجسم إلى حمض اليوريك، ويزيد تناولها بكثرة من خطر الإصابة بمرض النقرس أو تفاقم أعراضه لدى المصابين به.
طرق الطهي غير الصحية ومخاطرها
تلعب طريقة إعداد لحم الغنم دوراً حاسماً في تحديد مدى ضرره الصحي. يعد طهي اللحم على درجات حرارة عالية جداً، مثل الشواء المفرط أو القلي العميق، سبباً لتكوّن مواد ضارة كيميائية. عند تعريض اللحم الأحمر لدرجات حرارة عالية، تتشكل مركبات مسرطنة محتملة مثل الأمينات الحلقية غير المتجانسة (HCAs) والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات (PAHs). ترتبط هذه المركبات بزيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطانات، وعلى رأسها سرطان القولون والمستقيم. لذلك، يُنصح بتجنب تفحم اللحم واستهلاك الأجزاء المحترقة منه، وتفضيل طرق الطهي الصحية كالسلق أو الشواء المعتدل أو الخَبز.
اللحم الأحمر وخطر الأمراض المزمنة
تُشير العديد من الدراسات إلى أن الاستهلاك المرتفع والمزمن للحوم الحمراء، والتي يشملها لحم الغنم، يرتبط بزيادة خطر الإصابة بمجموعة من الأمراض المزمنة. بخلاف أمراض القلب، فإن الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يرتبط بارتفاع طفيف في خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وبعض أنواع السرطانات، وخاصة سرطان القولون والمستقيم وسرطان البروستاتا. هذا الارتباط يعود بشكل أساسي إلى المحتوى العالي من الدهون المشبعة، ومركبات الحديد الهيمي التي قد تزيد من إنتاج الجذور الحرة، والمركبات المسرطنة التي قد تتكون أثناء الطهي. لا يعني ذلك الامتناع الكامل عن لحم الغنم، ولكن يجب أن يكون جزءًا من نظام غذائي متوازن ومعتدل، مع ضرورة اختيار القطع الخالية من الدهون قدر الإمكان وتناولها بكميات معقولة، واستبدال الدهون المرئية بالدهون الصحية كالزيوت النباتية.
نصائح للاستهلاك الآمن والمعتدل
للاستفادة من القيمة الغذائية للحم الغنم وتجنب أضراره المحتملة، يجب اتباع مبدأ الاعتدال في الكمية والذكاء في الاختيار والتحضير. أولاً، يجب اختيار القطع الأقل دهناً، مثل الكتف أو الفخذ بعد إزالة الدهن الظاهر. ثانياً، يفضل الطهي بطرق صحية مثل السلق، أو الشواء الخفيف مع تجنب الاحتراق، أو الخَبز بدلاً من القلي. ثالثاً، يجب تقليل الكمية المستهلكة في الوجبة الواحدة والحرص على التنويع الغذائي بإدماج مصادر بروتين أخرى كالأسماك والدواجن والبقوليات. وأخيراً، يُنصح بتناول لحم الغنم مع كميات كبيرة من الخضروات والسلطات الغنية بالألياف، إذ تساعد الألياف في تخفيف امتصاص الدهون وتحسين عملية الهضم، مما يقلل من الآثار السلبية المحتملة لتناول اللحم الأحمر.
