كيف يصاب الشخص بهشاشة العظام

 طبيعة مرض هشاشة العظام وآلية تطوره



هشاشة العظام هو مرض هيكلي تدريجي يتميز بفقدان الكثافة المعدنية للعظام وتدهور نسيجها الدقيق، مما يؤدي إلى زيادة هشاشتها ومقاومتها للكسور. يحدث هذا المرض نتيجة اختلال التوازن بين عملية هدم العظام وبناءها، حيث تتفوق الخلايا الآكلة للعظام على الخلايا البانية في النشاط. تبدأ العملية بشكل صامت دون أعراض واضحة، وتستمر لسنوات قبل أن تظهر العلامات الأولى على شكل كسور غير متوقعة. تتعرض العظام لضعف تدريجي في بنيتها المجهرية، فتفقد متانتها وتصبح مثل الإسفنج المليء بالفراغات. يعد هذا المرض من الأمراض الأيضية للعظام التي تؤثر على الهيكل العظمي بأكمله.


العوامل الرئيسية المسببة لهشاشة العظام


تتنوع العوامل المؤدية لهشاشة العظام بين وراثية وهرمونية وغذائية، ويحتل التقدم في العمر المكانة الأولى بين عوامل الخطر. تعاني النساء بعد انقطاع الطمث من تسارع في فقدان العظام بسبب انخفاض مستويات الإستروجين الواقي. يلعب نقص الكالسيوم وفيتامين د دوراً محورياً في تطوير المرض، حيث أن الكالسيوم يمثل المكون الأساسي للعظام وفيتامين د ضروري لامتصاصه. تساهم قلة النشاط البدني والتمارين التي تحمل الوزن في إضعاف العظام  . كما تزيد بعض الأدوية مثل الكورتيكوستيرويدات والعادات السيئة مثل التدخين والإفراط في الكحول من خطر الإصابة.


التغيرات الفسيولوجية في العظام المصابة


تشهد العظام المصابة بهشاشة تغيرات عميقة في بنيتها المجهرية، حيث تتفكك الشبكة ثلاثية الأبعاد التي تشكل النسيج العظمي الإسفنجي. يقل سمك القشرة العظمية الخارجية وتتوسع القنوات داخل العظام، مما يضعف مقاومتها للضغوط الميكانيكية. تظهر فراغات غير طبيعية في النسيج العظمي التربيقي وتتقاصر الحواجز العظمية في النسيج القشري. يؤدي هذا التدهور البنيوي إلى فقدان العظام لمرونتها وقدرتها على امتصاص الصدمات. تصبح العظام غير قادرة على تحمل الضغوط اليومية العادية، مما يجهدها معرضة للكسر حتى من دون حوادث كبيرة.


الأعراض والمضاعفات السريرية للمرض


يتميز المرض بكونه "صامتاً" في مراحله الأولى، حيث لا تظهر أعراض واضحة حتى حدوث الكسر الأول. تشكل كسور الفقرات والورك والرسغ أكثر المضاعفات شيوعاً، وغالباً ما تحدث نتيجة سقوط بسيط. تؤدي كسور الفقرات إلى فقدان الطول وانحناء القامة وتشوه الظهر المعروف باسم "حدبة الأرملة". تسبب الكسور ألماً مزمناً وضعفاً في الحركة وفقداناً للاستقلالية لدى كبار السن. تمثل كسور الورك خصوصاً خطيرة   مضاعفاتها الجراحية ومخاطرها على الحياة.


استراتيجيات الوقاية والعلاج الفعال


تبدأ الوقاية من هشاشة العظام منذ سن الشباب عبر بناء رأس مال عظمي قوي  التغذية السليمة والنشاط البدني. يجب تناول كميات كافية من الكالسيوم وفيتامين د مع التعرض المعقول لأشعة الشمس لضمان الامتصاص المناسب. تمارين تحمل الوزن مثل المشي والجري وتمارين المقاومة تحفز بناء العظام وتقوي العضلات الداعمة. تتضمن العلاجات الدوائية البايفوسفونيت ومعدلات مستقبلات الإستروجين  والأجسام المضادة أحادية النسيلة. يعد الفحص الدوري للكثافة العظمية ضرورياً للكشف المبكر عن المرض خاصة للفئات عالية الخطورة.


الوقاية من هشاشة العظام مسؤولية مستمرة تمتد طوال العمر، وليس فقط في الكبر. الالتزام بنمط حياة صحي يشمل التغذية المتوازنة والرياضة المنتظمة يمثل حجر الزاوية في الحفاظ على عظام قوية. الكشف المبكر عن المرض يمكن أن يمنع الكثير من المضاعفات الخطيرة ويحفظ جودة الحياة. تبقى التوعية بمخاطر المرض وأساليب الوقاية منه ضرورة مجتمعية في ظل زيادة متوسط الأعمار.

إرسال تعليق

Please Select Embedded Mode To Show The Comment System.*

أحدث أقدم