هل السهر بالليل عند الأطفال يؤثر على نمو الدماغ والمزاج والعصبية


 

يعتبر النوم أحد الركائز الأساسية لنمو الأطفال الصحي، حيث يؤثر السهر واضطرابات النوم بشكل عميق على التطور العصبي والحالة النفسية للطفل. خلال مراحل النوم العميق، يمر الدماغ بعمليات حيوية ضرورية لتكوين الوصلات العصبية، وإفراز هرمونات النمو، وتثبيت الذاكرة والتعلم. عندما يحرم الطفل من النوم الكافي، فإن هذه العمليات الحيوية تتعطل، مما قد يؤدي إلى عواقب طويلة المدى على نمو الدماغ، والمزاج، والسلوك. الأبحاث العلمية تشير إلى أن الحرمان من النوم في مرحلة الطفولة قد يرتبط بزيادة خطر المشاكل السلوكية والاضطرابات النفسية في المراحل اللاحقة من الحياة.


تأثير السهر على التطور العصبي والوظائف الإدراكية


يؤثر السهر المنتظم على تطور الدماغ من خلال  مع عمليات إعادة التنظيم العصبي التي تحدث أثناء النوم. خلال نوم حركة العين السريعة (REM)، يقوم الدماغ بمعالجة المعلومات اليومية وتقوية الذاكرة والتعلم. الحرمان من النوم يقلل من كفاءة هذه العملية، مما قد يؤدي إلى صعوبات في التركيز، وضعف الأداء الأكاديمي، وتأخر في المهارات المعرفية. الدراسات أظهرت أن الأطفال الذين يعانون من قلة النوم يميلون إلى الحصول على درجات أقل في الاختبارات الإدراكية، ويواجهون صعوبات في حل المشكلات، ويعانون من ضعف في الذاكرة العاملة   أقرانهم الذين يحصلون على نوم كاف.


العلاقة بين السهر والاضطرابات المزاجية والعصبية


يرتبط الحرمان من النوم بزيادة خطر الاضطرابات المزاجية والعصبية لدى الأطفال. قلة النوم تؤثر على تنظيم النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين، والتي تلعب دوراً حاسماً في تنظيم المزاج والمشاعر. الأطفال الذين يسهرون بشكل متكرر غالباً ما يظهرون زيادة في التهيج، والعصبية، ونوبات الغضب، وصعوبة في تنظيم المشاعر. كما يرتبط السهر المزمن بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق لدى الأطفال، حيث أن الحرمان من النوم يضعف القدرة على التعامل مع الضغوط اليومية والتحديات العاطفية.


تأثير السهر على السلوك والوظائف التنفيذية


يؤدي السهر إلى ضعف في الوظائف التنفيذية للدماغ، والتي تشمل مهارات مثل التنظيم، التخطيط، وضبط النفس. الأطفال المحرومون من النوم غالباً ما يظهرون سلوكيات اندفاعية، وصعوبة في اتباع التعليمات، ومشاكل في السلوك الاجتماعي. قلة النوم تؤثر على القشرة الأمامية الجبهية، وهي المنطقة المسؤولة عن اتخاذ القرارات والتحكم في السلوك. هذا الضعف في الوظائف التنفيذية قد يؤدي إلى مشاكل في الأداء المدرسي، وصعوبات في التفاعل الاجتماعي مع الأقران، وزيادة في السلوكيات المعارضة والتحدية.


التوصيات لتحسين عادات النوم ودعم النمو الصحي


ينصح الخبراء بإنشاء روتين منتظم للنوم يشمل أنشطة مهدئة مثل القراءة   والأنشطة في الكتب  تعتبر وسائل هادئة وايجابية على الصحة . تحديد وقت نوم ثابت يساعد في تنظيم الساعة البيولوجية للطفل وتحسين جودة النوم. تقليل التعرض للشاشات الإلكترونية قبل النوم بساعتين على الأقل، حيث أن الضوء الأزرق يثبط إفراز الميلاتونين. توفير بيئة نوم مريحة مع إضاءة خافتة ودرجة حرارة مناسبة. إذا استمرت مشاكل النوم، يجب استشارة طبيب الأطفال لاستبعاض أي اضطرابات نوم أساسية مثل انقطاع النفس النومي أو متلازمة تململ الساقين.


النوم الكافي والجيد هو ضرورة بيولوجية لنمو الدماغ الصحي والتوازن العاطفي عند الأطفال. العناية بعادات النوم المنتظمة واستشارة المتخصصين عند الحاجة يمكن أن تساعد في منع العديد من المشاكل النمائية والسلوكية. الاستثمار في نوم الطفل هو استثمار في صحته العقلية والنفسية على المدى الطويل.

إرسال تعليق

Please Select Embedded Mode To Show The Comment System.*

أحدث أقدم