إن تربية طفل نشيط ومفعم بالحيوية أمر رائع وممتع، لكن عندما يكون النشاط مفرطًا لدرجة تتجاوز المعدل الطبيعي، قد يصبح الأمر تحديًا كبيرًا للوالدين، خاصة إذا كان الطفل يبلغ من العمر خمس سنوات. التعامل مع طفل مصاب بفرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) يتطلب صبرًا، فهمًا، واستراتيجيات محددة لمساعدته على إدارة سلوكه وتطوير مهاراته. من المهم أن نتذكر أن هذا السلوك ليس نتيجة لسوء التربية، بل هو حالة عصبية تؤثر على كيفية تنظيم الطفل لانتباهه ونشاطه.
بناء بيئة منظمة وداعمة
من أهم الخطوات في التعامل مع طفل لديه فرط حركة هو توفير بيئة منظمة ومستقرة. يحتاج الأطفال المصابون بفرط الحركة إلى روتين يومي ثابت ومحدد لمساعدتهم على الشعور بالأمان والتحكم. يمكنك إنشاء جدول زمني بصور بسيطة أو رسومات توضح الأنشطة اليومية مثل وقت الاستيقاظ، تناول الطعام، اللعب، ووقت النوم. هذا يساعد الطفل على معرفة ما هو متوقع منه ويقلل من القلق الناتج عن عدم اليقين. كما أن تنظيم مساحة اللعب والدراسة في المنزل يقلل من المشتتات ويساعد الطفل على التركيز بشكل أفضل. استخدم صناديق ورفوفًا مخصصة لألعابه ومستلزماته، وشجعه على إعادتها إلى مكانها بعد الانتهاء.
استخدام استراتيجيات تواصل فعالة
التواصل مع طفل يعاني من فرط الحركة يتطلب أسلوبًا مختلفًا. بدلًا من إعطاء تعليمات طويلة ومعقدة، استخدم أوامر قصيرة ومباشرة. على سبيل المثال، بدلًا من قول "يا بني، اذهب إلى غرفتك ورتب سريرك ثم ضع ألعابك في الصندوق"، قل "رتب سريرك الآن" ثم "ضع ألعابك في الصندوق". تأكد من أنك تحصل على انتباهه الكامل قبل أن تتحدث، يمكنك لمس كتفه بلطف والنظر في عينيه. من المهم أيضًا التركيز على التعزيز الإيجابي. امدح طفلك عندما يتبع التعليمات أو يظهر سلوكًا جيدًا، حتى لو كان شيئًا بسيطًا. هذا يعزز ثقته بنفسه ويشجعه على تكرار السلوك المرغوب.
توجيه الطاقة الزائدة بشكل إيجابي
يمتلك الأطفال المصابون بفرط الحركة طاقة كبيرة تحتاج إلى تصريف. بدلًا من محاولة كبح هذه الطاقة، يجب توجيهها إلى أنشطة إيجابية ومنظمة. شارك طفلك في الأنشطة البدنية مثل الجري، ركوب الدراجة، السباحة، أو ممارسة الرياضة. يمكن أن تساعد هذه الأنشطة على تحسين التركيز وتخفيف التوتر. كما أن الأنشطة الإبداعية مثل الرسم، النحت بالصلصال، أو بناء المكعبات تساعد على تهدئة الطفل وتوجيه طاقة التفكير المفرط نحو عمل بناء. خصص أوقاتًا يومية للعب الحر الموجه حيث يمكنه اختيار نشاط يفضله، مما يمنحه شعورًا بالتحكم والاستقلالية.
طلب المساعدة المتخصصة والصبر
لا تترددي في طلب المساعدة من المتخصصين. يمكن أن يكون استشارة طبيب أطفال، طبيب نفسي للأطفال، أو أخصائي علاج سلوكي خطوة حاسمة. يمكن لهؤلاء الخبراء تقديم تشخيص دقيق ووضع خطة علاجية مناسبة قد تشمل العلاج السلوكي أو حتى الدواء إذا لزم الأمر. تذكر أن رحلة التعامل مع طفل مصاب بفرط الحركة تتطلب صبرًا ومثابرة. ستواجهين أيامًا صعبة، لكن تذكري دائمًا أنك لست وحدك. احتضني طفلك كما هو واعلمي أن حبك ودعمك هما أهم عاملين في مساعدته على النجاح والنمو.

