لطالما كان جلد الدجاج مثار جدل كبير في عالم التغذية؛ فبينما يراه البعض جزءاً لذيذاً ومقرمشاً يُضفي نكهة مميزة على الوجبة، يعتبره آخرون مصدراً رئيسياً للدهون غير الصحية التي يجب التخلص منها. هذا التناقض يثير التساؤل حول مدى صحة جلد الدجاج مقارنة بلحمه الصافي. والحقيقة هي أن جلد الدجاج يختلف اختلافاً جوهرياً عن اللحم في تكوينه الغذائي، ولا يمكن اعتباره "صحياً" بنفس المعيار، خاصة عند مقارنة كثافته الغذائية ومحتواه من الدهون. ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنه ضار بشكل مطلق؛ بل يعتمد تقييمه الصحي على طريقة الطهي وكمية الاستهلاك ومقارنته بالمحتوى الغذائي للّحم الخالص.
الاختلاف الأساسي في التكوين: الدهون مقابل البروتين
يكمن الفرق الجوهري بين جلد الدجاج ولحمه في تركيبهما الغذائي الأساسي. لحم الدجاج (خاصة الصدر) يُعرف بكونه مصدراً ممتازاً للبروتين عالي الجودة وقليل السعرات الحرارية، حيث يوفر الأحماض الأمينية الأساسية اللازمة لبناء وإصلاح العضلات والأنسجة، مع الحد الأدنى من الدهون. وعلى النقيض تماماً، يتكون جلد الدجاج بشكل أساسي من الدهون. تحتوي قطعة الجلد الواحدة على نسبة عالية جداً من السعرات الحرارية التي تأتي من الدهون، مما يرفع الكثافة السعرية للوجبة بشكل كبير. وبالتالي، إذا كان الهدف هو الحصول على أقصى قيمة غذائية للبروتين بأقل سعرات حرارية، فإن لحم الدجاج الصافي يتفوق بشكل واضح على الجلد.
نوعية الدهون في جلد الدجاج: تحول في التقييم
رغم أن جلد الدجاج غني بالدهون، فإن التقييم الحديث لنوعية هذه الدهون قد خفف من وصمته السلبية. كان الاعتقاد الشائع أن جلد الدجاج مليء بـالدهون المشبعة الضارة بالقلب. ومع ذلك، تشير التحليلات الحديثة إلى أن غالبية الدهون في جلد الدجاج هي في الواقع دهون أحادية غير مشبعة (Monounsaturated Fats)، وهي نفس النوع الصحي الموجود في زيت الزيتون والأفوكادو. هذه الدهون الأحادية غير المشبعة تعتبر مفيدة لصحة القلب والأوعية الدموية، حيث تساعد في خفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL) والحفاظ على مستويات الكوليسترول الجيد (HDL). بالتالي، من حيث نوعية الدهون، فإن جلد الدجاج ليس بالضرورة أسوأ من الدهون النباتية الصحية، لكن المشكلة تبقى في كمية السعرات الحرارية التي يضيفها للوجبة.
دور طريقة الطهي في تحديد الضرر الصحي
إن العامل الحاسم في تحديد ما إذا كان جلد الدجاج صحياً أم ضاراً هو طريقة التحضير والطهي. عندما يتم تحميص أو شوي الدجاج بجلده، فإن جزءاً كبيراً من الدهون الموجودة في الجلد يذوب ويتسرب، مما يقلل من محتواه النهائي من الدهون والسعرات الحرارية، ويتركز البروتين في الطبقات المتبقية. أما الخطر الحقيقي فيأتي من القلي العميق، وهو طريقة شائعة لطهي الدجاج المقرمش. القلي يزيد من امتصاص الجلد لدهون القلي غير الصحية (والتي غالباً ما تكون دهوناً متحولة أو مهدرجة جزئياً)، كما يؤدي إلى تكون مركبات الأكريلاميد (Acrylamide) وغيرها من المركبات الضارة عند درجات الحرارة العالية، مما يجعل جلد الدجاج المقلي خياراً غير صحي بشكل قاطع، خاصة للأشخاص الذين يتبعون حمية غذائية منخفضة الدهون أو سعياً للحفاظ على صحة القلب.
الخلاصة: متى يمكن استهلاك الجلد بأمان؟
بشكل عام، لا يمكن اعتبار جلد الدجاج صحياً بنفس مستوى لحمه الصافي نظراً لكثافته السعرية العالية وانخفاض كثافته البروتينية. ومع ذلك، يمكن إدماجه في نظام غذائي صحي باعتدال، خاصة إذا تم طهيه بطريقة صحية (كالتحميص أو الشوي) وليس القلي، حيث يمكنه أن يوفر دهوناً أحادية غير مشبعة مفيدة. الخلاصة هي أن جلد الدجاج ليس سُماً، ولكنه إضافة سعرات حرارية دهنية، لذا يجب أن يكون الاستهلاك باعتدال ووعي للسعرات الحرارية الإجمالية، وتجنبه تماماً في حالة الأنظمة الغذائية التي تتطلب تقليلاً صارماً للدهون والسعرات الحرارية. هل هناك أي جزء معين من لحم الدجاج تود مقارنته بالجلد؟
