يُعد استخدام مستحضرات التجميل، وبخاصة تلك التي تهدف إلى تعديل المظهر بشكل دائم أو شبه دائم، أمرًا شائعًا بين الفتيات والنساء. ومن بين هذه الإجراءات، ظهرت تقنيات مثل تصبغ الشفاه الدائم أو شبه الدائم (Micropigmentation)، والتي قد تتضمن استخدام أصباغ قائمة على مواد كيميائية، بما في ذلك مركبات أو محاليل تحتوي على السيليكون (أو مركباته). بالرغم من أن الهدف هو الحصول على شفاه محددة وموّردة، فإن إدخال هذه المواد إلى طبقات الجلد يمكن أن يحمل في طياته مخاطر صحية وأضرارًا يجب الوعي بها قبل الإقدام على هذه الإجراءات التجميلية.
مخاطر الحساسية والتفاعلات المناعية طويلة الأمد
إن الحقن أو التصبغ الدائم للشفاه بمواد غريبة مثل مركبات السيليكون أو الأصباغ المحتوية عليها يمكن أن يثير ردود فعل مناعية فورية أو متأخرة. تُعتبر الشفاه منطقة حساسة جدًا وغنية بالأوعية الدموية والأعصاب.
الحساسية والتورم الفوري
قد تظهر تفاعلات الحساسية فورًا أو بعد وقت قصير من الإجراء، وتشمل احمرارًا شديدًا، تورمًا مفرطًا، وحكة. هذه التفاعلات قد تكون نتيجة لحساسية تجاه الصبغة نفسها أو المواد الحاملة لها، بما في ذلك مشتقات السيليكون. في بعض الحالات النادرة، قد تتطور الحساسية إلى الوذمة الوعائية (Angioedema) أو حتى صدمة تحسسية تتطلب تدخلًا طبيًا طارئًا.
التفاعلات الالتهابية المزمنة وتكوّن الأورام الحبيبية (Granulomas)
الضرر الأكثر خطورة وطويل الأمد يتعلق برد الفعل المناعي المتأخر، وهو ما يعرف بـتكوّن الأورام الحبيبية (Granulomas). هذه الأورام هي عبارة عن تكتلات صغيرة تتشكل حول المادة الغريبة (الصبغة أو السيليكون) كجزء من محاولة الجسم لعزلها، مما يؤدي إلى تصلب وانتفاخ مزمن وغير منتظم في الشفاه. قد يستغرق ظهور هذه التفاعلات شهورًا أو سنوات بعد الإجراء، ويكون علاجها صعبًا، وغالبًا ما يتطلب التدخل الجراحي أو استخدام حقن الكورتيزون القوية.
مشاكل العدوى والتأثيرات على سلامة الأنسجة
تتطلب عمليات تصبغ الشفاه اختراق الطبقة الخارجية من الجلد (البشرة)، مما يفتح المجال لدخول الكائنات الدقيقة ويؤثر على سلامة الأنسجة، خاصة إذا لم يتم الالتزام بالمعايير الصحية الصارمة.
خطر انتقال العدوى
قد تحدث عدوى بكتيرية أو فطرية أو فيروسية في موقع التصبغ، خاصة إذا كانت الأدوات غير معقمة بشكل صحيح. يمكن أن تؤدي هذه العدوى إلى تقرحات مؤلمة وتكوّن خراريج، وإذا لم تُعالج بسرعة، يمكن أن تتسبب في أضرار دائمة للأنسجة وتندب. وفي حالات نادرة، يمكن أن تتطور العدوى الموضعية إلى عدوى جهازية. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي الإجراء إلى تفعيل أو انتشار عدوى الهربس الفموي (قروح البرد) لدى الأشخاص المعرضين لذلك.
التندب والتشوهات الجمالية
بسبب طبيعة الإجراء الذي يعتمد على إدخال إبر دقيقة بشكل متكرر، هناك دائمًا خطر التندب (Scarring)، خاصة لدى الأشخاص ذوي البشرة الحساسة أو القابلة للتصبغ. وإذا لم يكن الصباغ متجانسًا أو كانت المادة (مثل السيليكون) قد تحركت تحت الجلد، يمكن أن يحدث تشوه في شكل الشفاه، وظهور تكتلات أو عدم تناسق لوني يصعب تصحيحه. هذا الضرر لا يقتصر على الجانب الصحي فحسب، بل يمتد إلى الجانب الجمالي والنفسي.
التحديات المرتبطة بإزالة الصباغ وتأثيرات الصبغات الكيميائية
إن إزالة تصبغ الشفاه أمر معقد وصعب بشكل خاص، وتتطلب المواد الكيميائية المستخدمة في الأصباغ عناية خاصة.
صعوبة الإزالة ونتائجها غير المتوقعة
إذا حدث خطأ في التصبغ أو ظهرت تفاعلات تحسسية أو أورام حبيبية، فإن إزالة الصبغة أو المواد المحقونة، مثل السيليكون، تكون صعبة جدًا. تتطلب الإزالة غالبًا جلسات متعددة من الليزر أو التدخل الجراحي. قد لا يتمكن الليزر من إزالة جميع الألوان، وقد تتغير الأصباغ الكيميائية نتيجة لحرارة الليزر لتصبح بألوان غير مرغوبة (مثل اللون الأسود أو الأخضر الداكن)، مما يجعل تصحيحها أكثر تعقيدًا وتكلفة.
المشاكل طويلة الأمد للصبغات
قد تحتوي بعض الأصباغ المستخدمة في هذه الإجراءات على معادن ثقيلة أو مواد كيميائية أخرى (بصرف النظر عن السيليكون) لم يتم اختبار آثارها طويلة الأمد بشكل كافٍ على الجسم. بالرغم من أن الأنظمة الحديثة تلتزم بمعايير أعلى، إلا أن الأصباغ الرخيصة أو غير المعتمدة قد تحتوي على مواد يمكن أن تتسرب إلى الجسم أو تتفاعل مع التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، مما يتسبب في تورم مؤقت في منطقة التصبغ أثناء الفحص.
أهمية اختيار مواد معتمدة وتقني متخصص
لتقليل الأضرار الصحية المحتملة إلى الحد الأدنى، يجب على الفتيات الراغبات في إجراء تصبغ الشفاه اتخاذ احتياطات صارمة.
التدقيق في مكونات الصبغة
يجب التأكد من أن الصبغات المستخدمة هي أصباغ تجميلية معتمدة خصيصًا للاستخدام على الوجه وأنها خالية من المواد الضارة مثل مركبات السيليكون السائلة غير المخصصة للحقن الطبي، والتي تُعرف بأنها مصدر رئيسي للمشاكل المزمنة. يفضل استخدام أصباغ ذات أساس معدني معتمد تُعرف باسم "الأصباغ المايكروبيجمنتيشن" الحديثة.
اختيار أخصائي مؤهل وبيئة نظيفة
يجب أن يتم الإجراء فقط من قبل أخصائي تصبغ دائم مرخص وذو خبرة عالية، يعمل في بيئة صحية ومعقمة تلتزم بجميع معايير السلامة والنظافة. يجب دائمًا طلب اختبار حساسية مبدئي (Patch Test) قبل تطبيق الصبغة على الشفاه لتجنب التفاعلات التحسسية الشديدة، والحرص على فهم جميع الأضرار المحتملة على المدى القريب والبعيد.
