مقدمة عن العلاقة بين الدورة الشهرية والحالة النفسية
تعتبر التغيرات النفسية والمزاجية خلال الدورة الشهرية من الظواهر الطبية المعترف بها علمياً والتي تؤثر على نسبة كبيرة من النساء حول العالم، حيث تمر المرأة خلال دورتها الشهرية بسلسلة من التغيرات الهرمونية المعقدة التي تنعكس بشكل مباشر على حالتها النفسية وسلوكها اليومي، تبدأ هذه التغيرات عادة في المرحلة الثانية من الدورة المعروفة بالمرحلة الأصفرية والتي تلي عملية الإباضة مباشرة، خلال هذه الفترة تحدث تقلبات كبيرة في مستويات هرموني الإستروجين والبروجسترون مما يؤثر على النواقل العصبية في الدماغ، هذه التغيرات الكيميائية الحيوية تؤدي إلى ظهور مجموعة من الأعراض النفسية والجسدية التي تختلف في شدتها وتكرارها من امرأة إلى أخرى، الدراسات العلمية تشير إلى أن ما يقارب 75-80% من النساء في سن الإنجاب يعانين من بعض أشكال هذه التغيرات النفسية المرتبطة بالدورة الشهرية.
الأساس الهرموني والعصبي للتغيرات المزاجية
تعكس التغيرات النفسية خلال الدورة الشهرية تفاعلات معقدة بين الهرمونات الجنسية والنواقل العصبية في الدماغ، يؤدي الانخفاض الحاد في مستويات الإستروجين قبل نزول الطمث إلى انخفاض في إنتاج السيروتونين وهو ناقل عصبي لتنظيم المزاج والمشاعر، يؤثر البروجسترون على مستقبلات GABA في الدماغ مما يزيد من الشعور بالقلق والتوتر والعصبية لدى بعض النساء، التقلبات الهرمونية تؤثر أيضاً على نظام الأفيونيات الداخلية في الجسم مما يغير من الألم والاستجابة العاطفية للمؤثرات الخارجية، هذه التغيرات الكيميائية تفسر لماذا تشعر العديد من النساء بالحزن والتهيج والقلق غير المبرر في الأيام السابقة للدورة الشهرية، الأبحاث الحديثة تظهر أن بعض النساء لديهن حساسية وراثية أكبر لهذه التقلبات الهرمونية مما يجعلهن أكثر عرضة للتغيرات المزاجية الحادة.
مظاهر التأثير النفسي خلال المراحل المختلفة
تختلف الأعراض النفسية للدورة الشهرية في طبيعتها وشدتها عبر المراحل المختلفة للدورة الشهرية، تتضمن الأعراض الشائعة في المرحلة السابقة للحيض التهيج والعصبية والتقلبات المزاجية السريعة والشعور بالحزن بدون سبب واضح، النساء يعانين من زيادة في القلق وانخفاض في الرغبة في التواصل الاجتماعي مع زيادة الحساسية للنقد أو الرفض، خلال أيام الحيض نفسه، قد تشعر النساء بالإرهاق الجسدي والنفسي وصعوبة في التركيز واتخاذ القرارات، بعض النساء يعانين من أعراض أكثر حدة اضطراب ما قبل الطمث الاكتئابي الذي يمكن أن يعطل حياتهن اليومية وعلاقاتهن الشخصية، تختلف شدة هذه الأعراض من دورة إلى أخرى وقد تتفاقم بسبب عوامل خارجية مثل الضغوط النفسية أو قلة النوم أو النظام غير المتوازن.
استراتيجيات إدارة التغيرات النفسية المرتبطة بالدورة
هناك عدة استراتيجيات فعالة النساء على إدارة التغيرات النفسية المرتبطة بالدورة الشهرية، التمارين الرياضية المنتظمة وخاصة الرياضات الهوائية تساعد على زيادة إنتاج الإندورفينات وتحسين المزاج وتقليل التوتر، النظام الغذائي المتوازن الغني بالأوميغا 3 والمغنيسيوم وفيتامين B6 يمكن أن يساعد في تنظيم النواقل العصبية وتخفيف الأعراض، والتقليل من الإجهاد تكون فعالة بشكل خاص خلال هذه الفترة، ، المتابعة اليومية للأعراض عبر تطبيقات أو مذكرات خاصة في فهم نمط التغيرات والتخطيط المسبق للتعامل معها.
التغيرات النفسية خلال الدورة الشهرية هي ظاهرة حقيقية وليست مجرد تخيل أو تضخيم من النساء، الفهم العلمي لهذه التغيرات يساعد في تقبلها والتعامل معها بشكل أكثر فعالية، الدعم الاجتماعي والفهم من المحيطين وخصوصا من الرجل عليه أن يتفهم هذا الوضع بالذات ويتعامل بحرص ويعتني بالمرأة ويتفهم حالتها مما يعني أن للرجال دوراً مهماً في الحياةاليومية مع النساء من أجل تجاوز هذه الفترة بسهولة أكبر، الوعي بهذه التغيرات واعتماد استراتيجيات مواجهة مناسبة يمكن أن يحسن بشكل كبير من جودة حياة المرأة خلال دورتها الشهرية.
