تُعد مسألة استهلاك الثلج المأخوذ مباشرة من داخل الفريزر، سواء كان مكعبات ثلج مصنوعة في المنزل أو ثلجًا متراكمًا على جدران الفريزر، أمرًا شائعًا يثير تساؤلات حول سلامته الصحية. في حين أن الثلج هو ببساطة ماء متجمد، فإن بيئة الفريزر وطبيعة الثلج المتكون داخله يمكن أن تجعله مصدرًا محتملًا لبعض المخاطر الصحية. يجب التفريق بين الثلج النظيف المصنوع من مياه صالحة للشرب، وبين الثلج المتراكم الذي يُعرف باسم "صقيع الفريزر" أو "الثلج القديم".
سلامة الثلج المصنوع من مياه صالحة للشرب
يعتمد الحكم على سلامة استهلاك مكعبات الثلج المخزنة في الفريزر بشكل كبير على مصدر الماء الذي صنعت منه وطريقة التخزين.
مصدر المياه: إذا صُنعت مكعبات الثلج من مياه صالحة للشرب (ماء صنبور مُعالج أو مياه مُعبأة)، فإن الثلج نفسه يكون آمنًا للاستهلاك من حيث نقاوة المياه. فالتجميد يقتل معظم البكتيريا والميكروبات، وإن كان لا يقضي على جميع أنواعها أو على بعض السموم الكيميائية.
التلوث المتقاطع: الخطر الأكبر يأتي من التلوث المتقاطع (Cross-contamination) داخل الفريزر. مكعبات الثلج قد تمتص الروائح والنكهات من الأطعمة غير المغطاة المخزنة بجوارها. بالإضافة إلى ذلك، إذا لم يتم تغطية صواني الثلج أو إذا كانت أوعية تخزين الثلج غير نظيفة، يمكن أن تنتقل إليها البكتيريا والملوثات من أيدي المستخدمين أو من رذاذ الأطعمة النيئة.
تغير الطعم: حتى لو كان الثلج آمنًا، فإن امتصاص الروائح من الأطعمة الأخرى (مثل الأسماك أو اللحوم النيئة) سيؤدي إلى تغير في طعم ورائحة الثلج، مما يجعله غير مستساغ. لذلك، يُنصح دائمًا باستخدام حاويات ثلج مغطاة ونظيفة.
مخاطر استهلاك صقيع الفريزر (الثلج المتراكم)
يختلف "صقيع الفريزر" أو الثلج المتراكم على جدرانه وأرففه اختلافًا جوهريًا عن مكعبات الثلج النظيفة، ويجب تجنب استهلاكه.
مصدر الصقيع غير النظيف: يتكون هذا الثلج المتراكم نتيجة لـتكثف الرطوبة القادمة من الهواء الخارجي كلما فُتح باب الفريزر، أو من بخار الماء المتصاعد من الأطعمة المخزنة بداخله، أو من الأطعمة المفتوحة. هذه الرطوبة تحمل معها جزيئات من الغبار، والبكتيريا، والجراثيم العالقة في هواء المطبخ أو الفريزر.
المركبات الكيميائية العضوية: يمكن أن يحتوي صقيع الفريزر على آثار من المركبات الكيميائية العضوية المتطايرة (Volatile Organic Compounds) الناتجة عن التحلل البطيء للأطعمة أو أبخرة مواد التنظيف المخزنة بالقرب من الثلاجة. على الرغم من أن الكميات عادةً ما تكون ضئيلة، إلا أن تناول هذه الأبخرة المتجمدة ليس صحيًا.
عمر الثلج: هذا الثلج يكون قد تجمع على مدى أسابيع أو شهور أو حتى سنوات، مما يزيد من احتمالية تلوثه على مر الزمن بعناصر غير صحية. لذلك، يُنصح بشدة بتجنب أكل الثلج المتراكم على جدران الفريزر أو حول أكياس الأطعمة.
التهديدات البكتيرية المحتملة
على الرغم من أن التجميد يقتل أو يثبط نشاط معظم البكتيريا، إلا أن الفريزر ليس بيئة معقمة تمامًا.
بقاء البكتيريا: بعض أنواع البكتيريا، مثل الليستيريا، يمكنها البقاء على قيد الحياة وحتى التكاثر ببطء في درجات حرارة التجميد أو بالقرب منها (إذا لم يكن الفريزر باردًا بما فيه الكفاية). وإذا تعرض الثلج للتلوث من أطعمة غير مطبوخة (خاصة اللحوم والدواجن)، يمكن لهذه البكتيريا أن تبقى موجودة.
مقاومة الفيروسات: بعض الفيروسات والطفيليات أكثر مقاومة لدرجات الحرارة المنخفضة من البكتيريا، وقد تبقى كامنة في الثلج الملوث. عند ذوبان الثلج ووصوله إلى درجة حرارة الغرفة، يمكن أن تستعيد نشاطها وتسبب العدوى.
العفن (الفطريات): إذا كان الفريزر يحتوي على بقع من العفن أو الأطعمة المتعفنة، يمكن أن تنتشر جراثيم العفن إلى الثلج المفتوح، مما يسبب مشكلات صحية، خاصة لمن يعانون من حساسية.
الأضرار الصحية غير المُعدية (العادة والمشاكل الطبية)
هناك أضرار أخرى لأكل الثلج بانتظام لا تتعلق بالتلوث، بل تتعلق بعادة المضغ نفسها والحالة الصحية للفرد.
تضرر الأسنان: تُعد عادة مضغ الثلج القاسي (سواء كان نظيفًا أو متراكمًا) ضارة جدًا بصحة الأسنان. يمكن أن يؤدي مضغ الثلج إلى تكسر الأسنان، تضرر مينا الأسنان، تآكل حشوات الأسنان، وإحداث شقوق دقيقة فيها، مما يجعلها أكثر عرضة للتسوس والحساسية.
متلازمة بيكا ونقص الحديد: قد يشير الرغبة الشديدة في أكل الثلج (Pagophagia) بشكل متكرر ويومي إلى وجود حالة طبية تُسمى متلازمة بيكا (Pica). وفي كثير من الحالات، ترتبط متلازمة بيكا بـنقص الحديد (فقر الدم). لذلك، إذا كانت لديك عادة قهرية لأكل الثلج، يجب استشارة الطبيب لإجراء اختبارات الدم اللازمة.
إرشادات لسلامة استهلاك الثلج
إذا كنت ترغب في استهلاك الثلج من الفريزر، اتبع هذه الإرشادات لضمان سلامته:
استخدام ماء مفلتر: اصنع الثلج من مياه مفلترة أو مغلية ومبردة لضمان أعلى مستوى من النقاء.
التغطية والنظافة: استخدم صواني ثلج مغطاة أو أوعية تخزين ثلج محكمة الإغلاق ونظفها بانتظام. هذا يمنع التلوث المتقاطع وامتصاص الروائح.
التخلص من الثلج القديم: لا تحتفظ بالثلج لفترة طويلة جدًا. يُفضل التخلص من الثلج الذي مضى عليه أكثر من شهر وتجديد المخزون.
تجنب صقيع الفريزر: لا تأكل أبدًا الثلج المتراكم على جدران الفريزر أو الأطعمة المخزنة فيه؛ فهو ببساطة غير صحي وغير مضمون المصدر.
بشكل عام، الثلج النظيف والمُصنع حديثًا من مياه جيدة آمن للاستهلاك، لكن يجب تجنب الثلج القديم أو صقيع الفريزر للحفاظ على صحتك وسلامة أسنانك.